الاستاذ الدكتور
علي عبد عباس
العزاوي
جامعة كركوك
aaliazawi@yahoo.com
احدثت التقنيات الجغرافية مايشبه الثورة في عمليات التحليل والمعالجة للبيانات المكانية. وخلقت مفاهيم جديدة اعادت النظر بالاساليب التقليدية السابقة, وقدمت نماذج وطرائق مختلفة قادرة على محاكاة الواقع وفق نماذج مكانية تجمع بين علوم الرياضيات ت والإحصاء والجغرافية والحاسبات مما حدا بالدراسات الجغرافية المعاصرة الاعتماد على التقنيات والبرمجيات الحاسوبية المكانية في عمليات قياس وتحليل التنظيم المكاني للظواهر الجغرافية ضمن الحيز المكاني, من خلال التحليل الاحصائي المكاني ونمذجة انماط الظواهر النقطية باعتبار ان كل ظاهرة لابد ان يكون لانتشارها وتوزعها شكل خاص, يطلق عليه نمط توزيع pattern والذي يمثل شكل من اشكال رياضيات المكان تفرزه مجموعة من العوامل يطلق عليه تحليل الانماط pattern analysis (المصدر صفوح ص340) والذي يمثل حاصل جمع مواقع الظاهرات في المكان. وينشئ أي توزيع للظواهر او لقيم احدى الخصائص المرتبطة بالظواهر نموذجا ضمن المنطقة المدروسة وتتراوح هذه النماذج للتوزيعات الجغرافية بين التجمع التام والشديد من جهة, الى الانفصال التام والتشتت من جهة أخرى Illian J, Penttinen 2008) )
,ويقال عن النموذج الذي يتشكل بين هاتين الدرجتين
المتطرفتين (النموذج العشوائي) وتعتبر معرفة النموذج التي تشكله البيانات مفيدة في
فهم التنظيم المكاني للظواهر الجغرافية بشكل افضل, والتوزيع من الناحية الخرائطية
هو التباعد (Spacing) وقد عرف
واتسون(Watson) الجغرافية
بانها علم التباعد (spacing) Harvey, D.W.(1973)) ويعني
كثافة تواجد الظاهرة في الحيز المكاني من حيت التجمع اوالتباعد احيانا يكون التحليل البصري للخارطة كافيا ويعطي
تفسيرا جغرافيا, ولكن غالبا ما تكون هناك صعوبة لاستخراج معلومات من الخريطة او
القيام بعمليات تحليلية واستنتاجية لتفسير التنظيم المكاني ,ان علماء الاحصاء
المكاني تمكنوا من معرفة النمط المكاني مباشرة وكذلك الاتجاه والعلاقات المكانية
عندما يكون هناك حاجة لعمليات تحليل التباين المكاني للظواهر وكشف انماط التوزيعات
المكانية Mitchell, A(2005)..
.عليه ان وسائل قياس التحليل الاحصائي المكاني يساعد
ويكمل الوسائل الاحصائية المرئية والتقليدية وفي تحليل البيانات المكانية. والورقة
الحالية تتناول وسائل قياس التنظيم والتحليل الاحصائي المكاني في نظم المعلومات
الجغرافية (Spatial Statistics Tools) في برنامج (ArcGIS10.5) .. and Mitchel(2017).حيث تقدم هذه
البرمجيات وسائل القياسات الاحصائية المكانية لتوصيف النماذج المكانية كميا وتحديد
العلاقات والارتباطات الذاتية المكانية(Spatial Autocorrelation) لنماذج
التوزيع بالعوامل الجغرافية ومعرفة فيما اذا كانت الظاهرة تنتشر وفق نموذج توزيعي
معين ولاي مدى تقترب من هذا النموذج , وتستخدم هذه الوسائل الكمية التي تقدمها نظم
المعلومات الجغرافية أيضا للحصول على معلومات جديدة غير ظاهرة بشكل مباشر على
الخريطة ..تعتمد هذه الوسائل على الاحصاءات الامكانية لتمثيلها على الخرائط للحصول
على النماذج المكانية والعلاقات الارتباطية الحقيقية للنماذج المكانية بالعوامل الجغرافية Jones B.2018))
باعتبار ان الخريطة افضل وسيلة من وسائل خزن المعلومات
الجغرافية وخير اداة للتعبير عن النتائج المتمخضة عن عمليات المعالجة والتحليل
المكاني للبيانات الجغرافية والوسيلة المثلى للوصول الى الحقيقة الجغرافية ونموذجا
عن بنية الظاهرات على الواقع فضلا عن كونها اداة مقارنة وتعبير عن محصلة العوامل
التي تؤثر في نمط التوزيع ولعل اهم ماتقدمه التقنيات الاحصائية هو امكانية التحقق
من النتائج التي نتوصل اليها حيث تزويدنا بمؤشرات لتحديد احتمال صحة النتائج وفق
درجة ثقة احصائية معينة.(Dickinson2003)
1- الفرضية الصفرية: (
Mitchell.2005)
معظم
الاختبارات الاحصائية تبدا بمعرفة الفرضية الصفرية ,والفرضية الصفرية لادوات
التحليل الخاصة بتحليل الانماط المكانية .تنص انه لايوجد نمط مكاني بين الخصائص
ولابين قيم تلك الخصائص في منطقة الدراسة.وبطريقة اخرى تنص على ان النمط المتوقع
للتوزيع هو واحد من انواع النمط العشوائي للتوزيع.
درجة (Z): الدرجة المعيارية : وتساوي أي قيمة
من قيم التوزيع مطروح من الوسط الحسابي للقيم ومقسوما على الانحراف المعياري , تستخدم
(Z) لقياس
الانحراف المعياري الذي يساوي (واحد) خارج المعدل. الذي يساوي (صفر) في التوزيع
الطبيعي. فالانحراف الكبير عن المتوسط سلبا أو إيجابا يدل على توزيع غير عشوائي
للخاصية التي تمثلها الظاهرة.
قيمة (p):
هي الاحتمالية التي قد تخطا في رفض الفرضية
الصفرية.فعندما تكون قيمة مستوى المعنوية اعلى من (0,05) تفبل الفرضية الصفرية
التي تنص على عشوائية توزيع الظاهرة, في حين عندما تقل القيمة عن (0,05) ترفض
الفرضية الصفرية وتقبل الفرضية البديلة التي تنص على عدم عشوائية التصنيف وان
الظاهرة تتوزع وفق نمط خاص اما بشكل متجمع او بشكل متباعد. عند وجود نتائج عالية
او واطئة لدرجة (Z) فانها تكون مرتبطة بقيمة واطئة جدا لقيمة (p) موجودة في
نهاية التوزيع الطبيعي. وعندها من المستحيل ان يكون نمط التوزيع المكاني
للظاهرةعشوائي .عندما تكون قيمة (Z) وبدلالة احصائية 95% بين
(-196 و +196 ) من الانحراف المعياري ,وان قيمة (p) ستكون اكبر من (0.05) عند ذلك
لايمكن رفض الفرضية الصفرية وان نمط التوزيع المكاني المستخرج هو النمط الاكثر
احتمالية ليكون نمط عشوائي. اما اذا كانت قيمة (Z) خارج مدى (-196 و +196 ) في
التوزيع الطبيعي تصل الى (-2.5 او +5.4) فان النمط المستخرج هو من المحتمل ان يكون
غير عشوائي وان قيمة (p) ستكون صغيرة جدا.اقل من (0,05)وبذلك ترفض الفرضية الصفرية وتقبل
الفرضية البدلية التي تنص على وجود نمط توزيع مكاني متجمع او متباعد وبدلالة
احصائية.في حين ان القيم التي تقع وسط التوزيع الطبيعي تمثل نتائج غير مقنعة . ArcGIS.Disktop Help
webhelp.esri.com/arcgisdesktop help
معامل الارتباط الذاتي المكاني:
coefficients
(Moran Index) Spatial Autocorrelation
المصدر(ArcGIS
10.5 Desktop Help
يستخدم خبراء
الاحصاء معامل الارتباط الذاتي المكاني في عمليات قياس تشابه الظواهر المتجاورة
والتي تعتمد على المقارنة بين القيمة المتعلقة بكل معلم مع القيمة المتوسطة للبنية
والتي تسمى القيمة الاحصائية (Moran
Index).وفي هذه الطريقة اذا كان
الفرق بين المعالم المتجاورة اصغر من الفرق بين كافة المعالم فالقيم المتشابهة
متجمعة.عادة ماترتبط متغيرات الظواهر الجغرافية بقيم المتغيرات
المتجاورة مكانيا ,فعندما تتاثر اوترتبط قيم احد المتغيرات في موقع ما مع قيم نفس
التغير في موقع مجاور فان ذلك يظهر ارتباطا ذاتيا بين المتغيرين (Spatial Autocorelation Coefficent)
(GayRobinson.2004) ويشار اليه في بعض الاحيان بتاثير التجاور (Neighborhood effect) او التماس
(Contiguity)(سميح احمد عودة, 2005) والفكرة تعتمد
على قانون الجغرافي الاول (توبلر)والذي ينص ان كل
ظاهرة لها علاقة بالظاهرة الاخرى ,ولكن الظواهر المتقاربة هي اكثر علاقة من
الظواهر المتباعدة .وهنا نسال هل الظواهر المتشابه في المكان تتجمع . عموما معامل
الارتباط الذاتي المكاني يقيس في ان واحد مدى التشابه Similarity بين مواقع العناصر المكانية
وصفاتها المميزة.
(paulA.Longley,MichaelF.Goodchild,DavidJ.2006)
ويعد دليل موران (Moran Index) احد
المقاييس المهمة في الكشف عن مدى الارتباط الذاتي بين عناصر الظاهرة المدروسة
ويقيم نمط التوزيع المكاني لها هل هو نمط مشتت ام منتظم ام هو عشوائي, وان كل من
درجة (Z) و(P) تقييم
اهمية ذلك. وتتراوح قيمة الدليل بين(-1) و(+1) فإذا كانت قيمة الدليل قريبة من
(+1) فان ذلك يدل على النمط المتجمع,اما اذا اقتربت قيمته من (-1) فان ذلك يدل على
النمط العشوائي ويتباين نمط التوزيع بين التجمع والانتظام والعشوائية حسب قيمة
الدليل.ان الاطار العام لاختبار الفرضيات يعد اداة جيدة للحكم على طبيعة ونمط
التوزيع المكاني للظاهرة الجغرافية.خصوصا وان نتائج المقاييس المستخدمة ضمن برنامج
(ArcGIS 10.5) تعتمد
اعتمادا كليا على مبادئ اختبار الفرضيات ,فالامر يقضي اولا تحديد الفرضية المبدئية
(فرضية العدم) او الفرضية الصفرية.والتي تنص على عدم وجود نمط معين من التوزيع,وان
النمط المتوقع هو نمط عشوائي ناتج بفعل الصدفة او الحظ.وبغية اتخاذ القرار بشان
قبول او رفض الفرضية السابقة.في حالة
استخدام المعامل فان النظرية الصفرية تقر انه لايوجد تجمع او تكتل مكاني لقيم
الظواهر الجغرافية.(
Ord, J. K. and Getis1995) لكن عندما تكون قيمة (P) صغيرة ,وان القيمة المطلقة لـ (Z) هي كبيرة جدا الى حد انها تقع خارج مستوى الثقة
المطلوبة, فان النظرية الصفرية ترفض.واذا كانت قيمة المعامل اكثر من (صفر) فان
مجموعة الظواهر تظهر بشكل متجمع واذا كانت القيمة اقل من (صفر) فان مجموعة الظواهر
تظهر بشكل متباعد.
يعتبر عرض البيانات الجغرافية على الخريطة او عرض القيم
المرتبطة بها احدى طرق كشف النماذج المكانية,الذي تشكله الخصائص المرتبطة
بالظواهر.ويعتمد قياس النماذج المكانية لقيم الخصائص المرتبطة بالظواهر على ان
الظواهر القريبة من بعظها مكانيا تتشابه في قيم الخاصية المدروسة.وتنسب هذه الفكرة
للجغرافي توبلر(Waldo Tobler) (يمان سنكري .2007). والفكرة الاساسية هي ان المناطق المتقاربة متشابه.والقيم المتجاورة متشابهة,لتماثل
الظروف المحيطة.وعندما تتشابه قيم الظواهر المتجاورة بشكل اكبر من القيم المتباعدة
نقول ان هناك ارتباط ذاتي مكاني متبادل موجب ,اما اذا اختلفت قيم الظواهر
المتجاورة نقول بان هناك ارتباط ذاتي مكاني متبادل سالب,أي عدم وجود ارتباط ذاتي
مكاني.وبالنسبة للظواهر الجغرافية يعتبر الارتباط المكاني الذاتي هو الحالة الاكثر
شيوعاCliff, Andrew D.1997))
فتظهر مخرجات التحليل
أشكال أنماط التوزيع التي تتدرج من النمط المشتت إلى النمط المتجمع مرورا بالنمط
العشوائي. وأسفل هذا الشكل مساحات تمثل التدرج بين هذه الأنماط. وتحتها مستويات
الثقة التي تتراوح بين (0.01 – 0.10 )على الجانب الأيمن للمنحنى، و(- 0.01 – 0.10).
ويحتوي الشكل أيضا على القيم المتوقعة لمعيار Z التي تصاحب مستويات الثقة.
وبالنظر إلى المخرجات المذكورة
يلاحظ أن نمط التوزيع المتجمع Clustered يقع ضمن نطاق مستوى الثقة بين(0.01
و 0.05) تقريبا. كما أنه يرتبط بقيم Z المتوقعة التي تتراوح بين (+ 1.96 و + 2.). وبالمثل فإن نطاق
مستوى الثقة للنمط المشتت Dispersed بين( 0.01 و 0.05)، في حين أنه
يرتبط بقيم Z التي تتراوح بين (-1.96 و - 2.58) وأكثر.(ArcGIS.9.3 .hilp of program)
1- الاساس الرياضي للنموذج:
Mitchell, Andy. The ESRI
Guide to GIS Analysis, Volume 2. ESRI Press, 2005.P.186
قيمة (I+) =
تجمع (علاقة مكانية موجبة)
قيمة (I- ) =
تباعد (علاقة مكانية سالبة)
قيمة (0) = عشوائي
2- اختبار الدلالة الاحصائية:
يستخدم قيمة (Z) لمعرفة
فيما اذا كانت قيمة معامل الارتباط الذاتي المكاني (Moran I) ذات دلالة
احصاية عن درجة ثقة معينة حيث يتم قياس احتمال التشابه بين المعالم ومجاوراتها
والتي لاتنتج مصادفة وتحسب قيمة (Z) التي تدل على احتمال الخطا في
رفض فرضية العدم.وتدل قيمة (Z) المرتفعة الموجبة على تشابه القيم المتجاورة سواء كانت مرتفعة او
منخفضة .اما القيم السالبة فتدل على قيمة مرتفعة محاطة بالقيم المنخفضةاو بالعكس
( G.
Du, S.
Zhang2007)
Z+: تدل قيمة Z+ الموجبة
المرتفعة على على تشابه القيم المتجاورة سواء كانت مرتفعة او منخفضة
Z-: تدل قيمة Z- السالبة على
قيمة مرتفعة محاطة بقيم منخفضة.
Positive Spatial Autocorrelation Example
الارتباط الذاتي المكاني الموجب
يحدث الارتباط التلقائي المكاني الإيجابي عندما يكون Moran's I قريبًا من
1+. وهذا يعني تجميع القيم معًا. على سبيل المثال ، تحتوي قواعد بيانات الارتفاع
على قيم ارتفاع متشابهة قريبة من بعضها البعض.
Negative Spatial Autocorrelation Example
الارتباط الذاتي المكاني السالب
يحدث الارتباط التلقائي المكاني السالب عندما يكون Moran الأول قريبًا من -1. تعتبر لوحة الشطرنج مثالاً على ذلك حيث يكون موران الأول عبارة عن -1 لأن القيم غير المتشابهة تكون بجانب بعضها البعض. عادةً ما تشير القيمة 0 لـ Moran’s I إلى عدم وجود ارتباط تلقائي .
إرسال تعليق