مقدمة
تعتبر
الظاهرة الحضرية، ظاهرة عالمية، و المغرب بدوره عرف هذه الظاهرة بمفهومها المتعارف
عليه، منذ فترة الاستعمار.
إذ أصبحت المدن الساحلية و بالخصوص التي تقع على الواجهة الأطلنتيكية تأخذ الزعامة من المدن الداخلية و العواصم التقليدية التي كانت تعتبر قطب الاقتصاد الوطني على مر التاريخ ) فاس، مكناس، مراكش ( .
و من المدن الساحلية التي أصبحت تأخد الريادة الإقتصادية
في فترة الإستعمار، نجد مدينة القنيطرة، هذه المدينة التي لم يكن لها وجود ما عدى
بعض القبائل التي كانت تحيط بها، أصبحت من أهم المخططات في برامج المستعمر
الفرنسي.
فمدينة القنيطرة
في تلك الفترة أصبحت من أهم المدن المغربية، نتيجة البنية التحتية التي أصبحت
تتوفر عليها و كذلك الشأن بالنسبة للوحدات الصناعية التي أصبحت تتركز بها، هذه
العوامل ساهمت بشكل مباشر في إستقطاب أعداد مهمة من المهاجرين من مختلف أرجاء
المملكة، و بالخصوص من جهة الغرب الشراردة بني احسن . الشيء الذي جعل المدينة
تتوسع شيئا فشيئا.
نفس الظاهرة إستمرت في فترة الإستقلال و بنفس الحدة.
الشيء الذي ترتبت عنه عدة إختلالات مجالية و اقتصادية و اجتماعية. فمدينة القنيطرة
أصبحت تعاني من عدة مشاكل، أبرزها التوسع العمراني على المجالات الضاحوية التي هي
عبارة عن أراضي زراعية و غابوية، و أيضا مشكل التمايزات السوسيومجالية ، الشيء
الذي يجعل المدينة غير متجانسة مجاليا و اجتماعيا، وأيضا أصبحت المدينة تعاني من
مشكل الخصاص في الرصيد العقاري، فبينما كانت المدينة تعتبر من أكثر المدن المغربية
توفرا على الرصيد العقاري، أصبحت اليوم تعاني بدورها من هذا العائق.
كل هذه الإكراهات جعلت المدينة تحاول أن تتجاوز هذه
المشاكل و ذلك عبر عدة مخططات، من أبرزها تصميم التهيئة الذي خرج إلى حيز الوجود
سنة 2004 من أجل القضاء على كل الإكراهات و من أجل عقلنة إستعمال المجال.
I- المدينة و التحضر :
إن الحديث عن المدينة يدفعنا بصفة منطقية إلى دراسة
الظاهرة المرتبطة بالمدينة ألا وهي التحضر ، الآن هذا الأخير يعد معيارا علميا
ورئيسيا في قياس المستوى الإداري والاقتصادي والمجالي للمدينة.
1-
التحضر والنمو الحضري:
يعرف التحضر بأنه عملية تركيز سكاني يتم بوسيلتين، إما
بزيادة عدد أماكن التجمع السكاني، أو نمو التجمعات السكانية، وفي هذا الصدد أجمع
علماء الإجتماع و البيئة الإنسانية، على أن هذا التعريف البسيط هو أكثر التعريفات
وضوحا وبعدا عن الإلتباس لأنه يفرق بين عملية التحضر نفسها، وما قد يصحبها من آثار
إيجابية او ظروف طبيعية . وتماشيا مع هذا الإصطلاح تعرف
المدن بأنها مراكز للتجمعات الحضرية وبتفاوت الحد الأدنى لعدد وكثافة السكان التي
تجعل من مكان ما مدينة، كما يعرف التحضر بأنه عملية إشعاع للأفكار والخبرات من مركز حضري إلى المناطق المحيطة به، ذلك أن هذا
التعريف يعني أن المدينة مصدرا للتحضر لا نتيجة عملية التحضر ولا يعطي تفسير
النشوء ونمو المدن، إضافة إلى ذلك هناك تعريف آخر ينص على أن التحضر يعني زيادة
مشاكل معينة،وخصائص متصلة بالمعيشة في الحاضرة، ذلك أن هذا التعريف يخلط بين العلة
والمعلول، أو السبب والنتيجة لأنه أيضا يفترض وجود المدن قبل عملية التحضر، وأي
تعريف يخلط بين مفهوم التحضر والمدينة خاطئ لأن عملية التحضر تبلغ ذروتها في
المدينة.
إن أي مجتمع إنساني هو حصيلة تفاعل عوامل مختلفة ، يؤثر
بعضها على بعض إذ أن عملية التحضر نفسها ناجمة عن تأثير التغيير الإجتماعي على
توزيع السكان داخل هذا المجتمع الإنساني، ومن ثم فإن المدخل الرئيسي لدراسة التحضر
تكون بدراسة التوزيع السكاني. فالمدن لا تبرز تلقائيا إلى الوجود لكنها نتيجة
التزايد السكاني في المجتمع، وهناك عاملان ملازمان لعملية التحضر، السكان ثم
التكنولوجيا أو التقدم العلمي، وتمركز السكان هو نتاج انتقال العدد الفائض الذي
تلفظه الأرض الزراعية إلى تجمعات حضرية، بينما يمهد التقدم العلمي لعملية تركيز
أعداد كبيرة من السكان في مكان ما. أي أن الزيادة السكانية والتقدم العلمي وعملية
التحضر عوامل متلازمة يؤثر أحدها على الأخر، وإن كان ليس هناك كما يمنع تحضر مجتمع
ما دون بلوغ درجة كبيرة من الكثافة السكانية، أو قد تتقدم التكنولوجيا دون أن
يصحبها كثافة سكانية عالية . هذا و يتفاوت تعريف مفهوم التحضر من دولة لأخرى .
2) الأهمية التنموية للمدينة بالمغرب :
إن الأهمية التنموية للمدينة بالمغرب، تظهر من خلال
وظيفة التنمية الحضرية التي تتولاها هذه الأخيرة والتي لا يمكن فصلها عن المفهوم
التنمية الوطنية والشمولية.
إذا كان التنظيم الإداري اللامركزية يعتبر الإطار العام
الذي أصبحت المدينة باعتبارها جماعة حضرية التحرك داخله، فإن هذه الأخيرة أصبحت
إحدى السمات البارزة لهذا التنظيم، إذ لا يمكن الحديث عن اللامركزية الإدارية، إلا
وكانت المدينة المحور الرئيس لهذا الحديث، فالاهتمام بالمدينة كأداة من أدوات
التنمية المحلية والحضرية يتجلى في كون هذه الأخيرة أصبحت المعبر الحقيقي عن
حاجيات الساكنة الحضرية وكذا في كثير من الأحيان العامل المباشر لسد هذه الحاجيات
، وكذلك عنصرا أساسيا للتحول الاقتصادي وذلك بفضل إستراتيجية جديدة تلعب فيها
المدينة بفضل مؤهلاتها ووسائلها دور المشارك الثالث في عملية التنمية الاقتصادية
والاجتماعية بعد كل من الدولة والقطاع الخاص.
إن الأهمية التنموية للمدينة بالمغرب ترتكز على مبادئ
أساسية تتجلى في الاهتمام بجميع مقاطعات وأحياء المدينة الواحدة وذلك لتوافر
الرابطة العضوية بينها ، كما تتضمن محاولة رفع مستوى التنمية الحضرية بها ومحاولة
إشراك كل الفعاليات المجتمعية في هذه العملية، فتضافر هذه العناصر أمر ضروري لخلق
المناخ المناسب لعملية التنمية الحضرية، لكن هذا التضافر ينبغي أن يتم في إطار
نظرة شمولية للمدينة وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار كل أحيائها ومقاطعاتها
ومجالاتها قصد التعرف على حاجياتها من حيث التجهيزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك التعرف على مستوى
التنمية الذي يلائم ظروفها الطبيعية والجغرافية وذلك حتى تتمكن هذه المدينة من
تفادي كل الحواجز التي ثقف أمام تنميتها الحضرية، فالوظيفة التنموية التي أصحبت
تقوم بها المدينة في الوقت الحالي ليست بتلك العلمية السهلة، بل إنها تستدعي توفر
عدة شروط لكي تعطي النتائج الإيجابية، وتتجلى هذه الشروط في توفير كل الوسائل
المالية والبشرية وكذلك الدراسات اللازمة لها، كما أن الجانب الاقتصادي لوظيفة
التنمية الحضرية يستدعي إبتكار أساليب و مناهج حديثة لتطبيق المفاهيم الاقتصادية
الجديدة في ميدان تدبير المرافق الحضرية وذلك حتى تكون لها مردودية بالنسبة
للمدينة وبالتالي يستفيد منها سكانها، وبصفة عامة، يمكن القول بأن الأهمية
التنموية للمدينة بالمغرب ينبغي أن ينظر إليها بتلك النظرة الشمولية والمقاربة
العلمية والتي ترتكز على الإسهام الفعلي لها في كل القرارات التي لها إرتباط وثيق
بهذا الميدان مادامت أهداف التنمية الحضرية تسعى إلى ما يلي :
أولا: النظر إلى المدن المغربية بمنظور المساواة والعدالة وذلك حتى تستفيد جميع
المدن من إمكانيات ومؤهلات الثروة المحلية المتوفرة.
ثانيـا: استغلال كل الموارد والطاقات التي تتوفر عليها المدن بالشكل الذي يخدم
تنميتها.
ثالثـا: اعتبار تحقيق التنمية الحضرية كسبيل لتحقيق التنمية الاقتصادية
والاجتماعية المستدامة.
رابعا: محاولة تضييق الهوة بين مستويات التنمية الحضرية على صعيد المدن المغربية.
II- الإطار الإداري والتوسع الحضري
بمدينة القنيطرة
تعتبر مدينة القنيطرة حديثة النشأة، بالمقارنة مع باقي
أهم المدن المغربية الأخرى، ونشأتها مقترنة بالدخول الاستعماري، الذي حول منطقة
معروفة بالمستنقعات التي كانت تتسب في عدة أوبتة
إلى مدينة عصرية، أصبح لها ثقلها الاقتصادي والاجتماعي على جهة الغرب الشرارة
بني احسن . هذه المدينة عرفت مراحل متعددة في تطورها، ومن أبرز هذه المراحل التدخل
الاستعماري بالمنطقة وكذلك ما بعد ذلك في فترة الاستقلال حيث اتسمت المدينة
بانتشار مجالي وتطور ديمغرافي غير من ملامحها الحضرية .
و تعتبر مدينة القنيطرة
من كبريات المدن المغربية وأهمها في الشمال الغربي للمملكة. هذه المدينة
التي تقع على الضفة الجنوبية لنهر سبو على بعد 12 كلم من المصب بالمحيط الأطلسي
عند مصطاف المهدية، وفي ملتقى الطرق التجارية الرئيسية والهامة الرابطة بين مدن
شرق وشمال المملكة ووسطها (فاس، مكناس، تطوان، طنجة، الرباط و الدار البيضاء).
تعتبر في نشأتها حديثة العهد جدا، شأنها في ذلك شأن العاصمة الاقتصادية . وخلافا
للمدن الأخرى على سبيل المقارنة فتاريخ مدينة القنيطرة في حد ذاته لا يتعدى 120
سنة، وإن كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بقصبة المهدية التي يرجع تاريخ بنائها إلى القرن
السادس قبل الميلاد على يد " حانون القرطاجي" الذي أقامها فوق هضبة
صخرية عند مصب نهر سبو على أنقاض مدينة " تيماتريا"
كما كانت تسمى " حلق المعمورة" و " حلق
سبو" وعرفت إلاحتلالين البرتغالي سنة 1515 والإسباني سنة 1614. وتمكن السلطان
العلوي المولى إسماعيل من تحرير القلعة سنة 1681.
وعند اجتياح الاستعمار الفرنسي ودخول الحماية سنة 1912
قرر المقيم العام الجنرال ليوطي بناء الميناء قرب القصبة التي أقمت سنة 1895
لإقامة حامية عسكرية وبالقرب من القنطرة التي أقامها القائد المخزني علي أوعدي منذ
آواخر القرن 17 والتي دمرتها السلطات الاستعمارية سنة 1928.
كما قام الجنرال ليوطي بإقامة تجهيزات عسكرية لكي تساهم
في تثبيت الوجود الفرنسي في أهم المناطق المغربية التي كانت الحماية ترى ضرورة
السيطرة عليها للتحكم في أمور البلاد وذلك عبر هذا المركز الاستراتيجي، والذي
يرتبط من جهة بالداخل لارتباطه واتصاله بسهل الغرب، ثم سايس وجزء من الأطلس
المتوسط ، وهي المنطقة التي كانت تهم المستعمر التحكم فيها لتثبيت سلطة الحماية.
ومن جهة أخرى وجود وادي سبو المتصل بالبحر الذي يسهل الإتصال بفرنسا ويمكن من
إيصال العتاد والتموين الذي يحتاجه الجيش الفرنسي في تحركاته لتثبيت السيطرة على
العاصمة فاس وما حولها، وتم إقامة قاعدة عسكرية في المنطقة كانت من بين القواعد
التي ساعدت على تركيز الوجود الفرنسي في المغرب.
ويعتبر صدور قرار الإقامة العامة في فاتح يناير 1913،
والذي تم بموجبه فتح ميناء القنيطرة النهري للملاحة التجارية منعطفا حاسما في
تقوية وتعاظم دور مدينة القنيطرة واتساع نفوذها ومجال إشعاعها. وقد كان دور هذا
الميناء مقتصرا على النشاط العسكري حيث كان يتم به إنزال القوات الاستعمارية
والعتاد العسكري والمؤونة والمواد المختلفة وإرسالها إلى داخل البلاد في اتجاه قامة
والمناطقة المجاورة مرورا بالطرق المخزنية التقليدية وذلك من أجل إخماد الإنتقاضات
الشعبية الرافضة للاحتلال.
وعلاقة بهذه التحولات الإقتصادية التي احدثها الميناء،
توافدت على هذه المدينة الفتية أعدادا وأفواجا هائلة من السكان المغاربة من كل
مناطق المملكة وبالأخص من جهة الغرب الشراردة بني احسن ، وهو الأمر الذي ساهم في
النمو الديمغرافي الكبير الذي عرفته مدينة القنيطرة وفي توسع مجالها العمراني
والحضري، كما جذبت هذه المدينة عددا من الأروبيين والمعمرين.
الصورة رقم 1: ميناء ليوطي في عهد الإستعمار.
وفي
إطار سياسة الميز و التفرقة العنصرية التي هي من صميم السياسة الاستعمارية فقد
علمت سلطات الحماية الفرنسية، خاصة بعد إنشاء اللجنة البلدية أواخر سنة 1914، على
تقسيم المجال الحضري لمدينة القنيطرة إلى ثلاث أقسام كبرى وهي:
أ-
التجرئة العسكرية وهي خاصة بالمصالح والمرافق العسكرية.
ب-
المدينة العصرية الخاصة بالأروبيين وتضم أيضا حي فال
فلوري وحي المستعجل.
ج- ثم الأحياء السكنية الخاصة بالسكان المغاربة الذي
يطلق عليهم اسم "الأهالي" وهي أحياء تنعدم أو تفتقر إلى البنيات التحتية
والتجهيزات الأساسية وتنتشر بها أهم دور الصفيح والتي تعرضت في جزء منها لحريق
مهول سنة 1946.
1) موضع مدينة القنيطرة :
تقع مدينة القنيطرة، في الشمال الغربي للملكة المغربية،
على الشريط الساحلي الأطلنطي، الذي يعد أهم محور في المغرب على المستوى الاقتصادي.
وتوجد على بعد حوالي أربعين كيلومترا شمال العاصمة الإدارية الرباط.
ويحد مدينة القنيطرة من الشمال واد سبو وتعانقها غابة
المعمورة، هذا فيما يخص الحدود الطبيعية ، أما بالنسبة للحدود الإدارية، فتحدها
شرقا الجماعة القروية حدادة، وشمالا الجماعة القروية لأولاد سلامة وغربا الجماعة
القروية المناصرة، أما جنوبا فتحدها جماعة سيدي الطيبي وتتميز المدينة بأربعة
مكونات طبيعية، تجعل منها إحدى أغنى المدن المغربية من حيث التراث الطبيعي، وهذه
الوحدات تتمثل في غابة المعمورة ونهر سبو وسهل الغرب تم الفرشات الباطنية لمنطقة
الفوارات.
هذا التنوع الطبيعي، رغم أنه يغني التراث الطبيعي
للمدينة، إلا أنه يحد من التوسع العمراني لمدينة القنيطرة .
2) الإطار الإداري والنفوذ الترابي لمدينة القنيطرة:
1.2- القنيطرة في عهد الحماية وعند فجر الإستقلال:
منذ نشأتها خضعت مدينة القنيطرة للهيمنة والنفوذ الترابي
والإداري للرباط العاصمة السياسية والإدارية للمملكة في عهد الحماية ، وبعد ذلك في
السنوات العشر الأولى للاستقلال. فعن طريقها وبواسطتها، تم قمع المظاهرات
والانتفاضات لإخماد الثورات الرافضة للاستعمار والمطالبة برحيله . ولهذه الغاية
ولغايات أخرى تم خلق مجموعة من الإدارات والمرافق التابعة للمركز سواء تلك التي
لها علاقة بمراقبة السكان و تحركاتهم ، أو تلك التي لها علاقة بإعداد وتهيئة
المجال الجهوي.
2.2- القنيطرة عاصمة إدارية ومركز إشعاع تضم الغرب
الشرارة بني احسن وزمور زعير.
نظرا للمكانة المهمة التي أصبحت تتبوأها مدينة القنيطرة
محليا وجهويا ووطنيا منذ فجر الإستقلال، على المستوى الديمغرافي حيث بلغ عدد
سكانها حسب أول إحصاء رسمي للسكنى والسكان لسنة 1960، 77586ن ، في الوقت الذي كانت
فيه مدن سيدي قاسم وسيدي سليمان والخميسات لها أعداد قليلة من السكان بالمقارنة
معها.
ونظرا لأهمية مدينة القنيطرة صناعيا وتجاريا وخدماتيا،
فقد عملت الدولة المغربية الحديثة العهد على ترقية مدينة القنيطرة سنة 1955 إلى
عاصمة إدارية بامتياز لمنطقة شاسعة ضمت إضافة إلى إقليم القنيطرة إقليمي الخميسات
وسيدي قاسم الحاليين.
وقد استمر هذا الوضع إلى تاريخ 13 غشت 1973 حيث تم خلق
إقليم الخميسات ليتم فك الارتباط إداريا بين هذا الإقليم ومدينة القنيطرة، وبعد
تسع سنوات على ذلك، أي في سنة 1982، سيتم إحداث إقليم جديد هو إقليم سيدي قاسم،
غير أن هذا الإقليم سيبقى مرتبطا بمدينة القنيطرة عند صدور الظهير الشريف المنظم
للجهات الستة عشرة.
3.2- القنيطرة من مدينة مقسمة إلى جماعتين حضريتين إلى
جماعة حضرية واحدة:
أما فيما يخص التقسيم الإداري لمدينة القنيطرة، على
المستوى المحلي،أي الخاص بالمدينة نفسها، فقد شكل المرسوم الصادر بتاريخ
1992/09/28 تحت عدد 720.92.9 منعطفا، وتجربة جديدين في تسيير الشأن العام المحلي
للمدينة.
فمنذ ترقية المدينة إلى بلدية سنة 1959 تم تقسيمها إلى
جماعيتن سنة 1992 وهما القنيطرة- المعمورة، والقنيطرة، الساكنية إضافة إلى جماعة
حضرية ثالثة هي المجموعة الحضرية لمدينة القنيطرة.
وكان الدافع الأساسي لهذا التقسيم إعطاء دفعة ونفس
جديدين لتطوير المدينة واستفادة الأحياء الهامشية من هذا التطوير بخلق وإحداث
وإضافة تجهيزات وبنيات تحتية متطورة ومسايرة للنمو الديمغرافي الذي تعرفه المدينة
والتي بلغ عدد سكانها 292627 نسمة حسب الإحصاء العام للسكن والسكان لسنة 1994،
ووصل هذا الرقم إلى 3559142 نسمة حسب أخر إحصاء لسنة 2004.
غير أن هذا التقسيم خلق عدة مشاكل من أبرزها الاختلالات
الكبرى في النمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي عرفته الجماعتين والذي خلقه
التوزيع الغير متكافئ للثروات والمداخيل أو للموارد الخالقة لهذه الثروة .
وهذا ما حدا بالسلطات المختصة إلى العدل عن العمل بهذه
التقسيم والرجوع للعمل بوحدة المدينة لتوحيد الرؤى داخل النسيج الحضري الواحد
ولتوحيد وتجميع الموارد المالية والتقنية وغيرها على قلتها.
ومن هنا جاء مرسوم سنة 2002 القاضي بدمج الجماعتين
الحضريتين السالفتي الذكر في جماعة حضرية واحدة ، هي الجماعة الحضرية لمدينة
القنيطرة.
3- التطور الديمغرافي لساكنة مدينة القنيطرة :
يشكل النمو الديمغرافي
احدى المعطيات الأساسية التي ساهمت في اتساع وانتشار الظاهرة الحضرية
بالمغرب ، حيث عرف هذا الأخير خلال العقدين الأخيرين طفرة حضرية غير مسبوقة وذلك
بسبب الارتفاع الكبير في عدد ساكنة المدن حيث بلغت نسبة الساكنة الحضرية حوالي 55،4%
من سكان المغرب، حسب الإحصاء العام للسكان و السكنى لسنة 2004 .
أما
بالنسبة لمدينة القنيطرة، فقد عرفت تزايدا
ديمغرافيا ملحوظا طرح مجموعة من التحديات والعوائق المرتبط بالتخطيط الحضري
والتهيئة الترابية في غياب القدرة على التحكم في النمو السريع للتزايد السكاني،
فالمدينة عرفت عدة تحولات في بنيتها الديمغرافية، و الشيء الذي يبرز ذلك هو إنتقال
المدينة من 1100 نسمة سنة 1912 إلى أكثر من 359142 نسمة. و هذا ما يتضح من خلال
الجدول التالي :
الجدول 1:تطور ساكنة مدينة القنيطرة ما بين سنتي 1912 و
2004 :
نسبة التزايد السنوي
|
عدد السكان
|
السنة
|
-
|
1100
|
1912
|
19,1
|
4467
|
1920
|
14,1
|
19000
|
1931
|
3,1
|
25000
|
1940
|
7,6
|
56000
|
1951
|
5
|
87000
|
1960
|
4,4
|
139206
|
1971
|
2,8
|
188194
|
1982
|
3,7
|
292627
|
1994
|
2,1
|
359142
|
2004
|
المصدر
:الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنوات
:1960-1971-1982-1994-2004.
و التصميم
التوجيهي للتهيئة الحضرية بالقنيطرة 1998
شكل رقم 1 : تطور عدد سكان مدينة القنيطرة ما بين 1912 و 2004 .
يتضح من خلال هدا الجدول التطور الكبير لعدد سكان مدينة
القنيطرة إذ أنتقل هذا العدد من 1100 سنة
1912 إلى 359142 سنة 2004 .هذا النمو في تزايد عدد الساكنة يتطلب تطوير في
التجهيزات والمرافق العمومية ، وتوفير الأراضي القابلة للبناء وتحسين آليات إنتاج
السكن . إلا أن هذا النمو الديمغرافي
المتواصل والغير المتحكم فيه يتعدى الإمكانيات أو القدرات للتدخل العمومي
والتدبير الحضري بطريقة عقلانية ،وهو وضع يزداد تفاقما بالنظر إلى تيارات الهجرة في اتجاه مدينة
القنيطرة عاصمة الغرب التي عرفت بنزوح المهاجرين القرويين في اتجاهها ،وبذلك بدأت
تعرف ارتفاعا في مستوى التحضر حيث أن نسبة
السكان الحضرية ارتفعت من 41 في المائة
سنة 1982 إلى 45 في المائة سنة 1990
، ووصلت هذه النسبة إلى 48 بالمائة
سنة2000 هذا التدفق من القرى نحو المدن
المغربية عموما ومدينة القنيطرة خصوصا يسهم في بروز إختلالات مجالية واجتماعية
صارخة أمام ضعف البنيات الاقتصادية القادرة على استيعاب الوافدين الجدد .
4- مراحل التوسع الحضري بمدينة القنيطرة :
عرفت مدينة القنيطرة مراحل متعددة في تطورها، سواء في
فترة الإستعمار او ما بعد ذلك، وكانت هناك عدة ميكانيزمات ساهمت في هذا التطور
بشكل ملفت، حيث أن المدينة أصبحت تتطور وتتسع بشكل كبير مع توالي العقود.
1.4-
مراحل الفترة الإستعمارية :
1.1.4)
مرحلة ما قبل سنة 1924
عرفت هذه المرحلة تدشين القنيطرة كمدينة مخططة، في ظل
ظروف سياسية ومعطيات إقتصادية وإجتماعية خاصة بتلك الفترة الإستعمارية ولقد تم
الشروع في تنفيذ مقتضيات المخطط الأول لتهيئة ميناء ليوطي من سنة 1914، وهو المخطط
الذي عمل على إرساء المعالم والملامح التنظيمية الرئيسية للمدينة.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال هذه الحقبة التاريخية من
نشأة مدينة القنيطرة، ظهرت البوادر الأولى لأحياء الصفيح بالمدينة غير أن سلطات
الحماية كانت حريصة على إبعاد هذه الأحياء، كدوار بركاش والدوار الواقع آنذاك
بالمقر الحالي للسجن المركزي وغيرها من الدواوير، المنتشرة من أطراف الحي التجاري
والإداري أي الحي الأوربي.
وعليه فإن إنشاء المدينة وقفا لتصميم للتهيئة لم تحول
دون بزوغ ظاهرة أحياء الصفيح فحسب، بل كان سببا مساعدا لظهورها وتفشيها، نظرا
لإصرار سلطات الحماية على إهمال الأهالي ، وذلك ما برز من خلال تخصيص مساحة صغيرة
لبناء حي سكني للسكان المغاربة.
2.1.4- مرحلة ما بين 1925- 1948.
عرفت القنيطرة في هذه الفترة إعداد مخطط جديد للتهيئة
العمرانية، وعلى ضوئه تم إنشاء أول حي صناعي بالمدينة سنة 1933. ولقد شكل هذا الحي
النواة الأولى للتوطين الصناعي بالقنيطرة. ومن ناحية أخرى ، تميزت المدينة خلال
هذه المرحلة بإنتعاش أنشطتها الاقتصادية والإدارية المرتبطة بالميناء فانعكس ذلك
إيجابيا على نمو المجال المبني في الاتجاهات الرئيسية الأربعة وبدون إستئناء .
اتسمت هذه
الفترة باختلاف آليات إنتاج المجال المبني وتباين وظائفه ويمكن ملاحظة ذلك في أقصى
شمال غرب المدينة حيث تم تشييد القاعدة الجوية العسكرية في سنة 1942 والسجن
المركزي. وبالنسبة لغرب المدينة، فشيدت بعض العقارات في عدة أماكن بحي فال فلوري.
أما جنوب ووسط المدينة فقد شهدا إنشاء مصالح ومرافق إدارية، وبناء مجموعة من
الوحدات السكنية تماشيا مع مقتضيات مخطط التهيئة المعد لتنظيم المدينة، في حين
استمر الزحف العمراني بشرق المدينة في شكل وحدات سكنية بالمدينة القديمة.
وتعتبر الفترة الواقعة بين 1940 – 1946، فترة الإنتشار
المهول لأحياء الصفيح،إذ بلغ عددها أنداك 12 حيا. ومن أبرزها حي البوشتيين وأحياء
الصفيح بالساكنية ونواحيها. ويبدو أن الشروع في بناء المدينة الجديدة في سنة 1933،
ترتبت عنه تبعات ومنها ظهور مجالات عشوائية جديدة. بمعنى أن كلما شرعت السلطات في
إنتاج مجالات حضرية مخططة، ظهرت أحياء جديدة للصفيح. وهذا يدعونا إلى التأكيد على
أن السبب المباشر لهذه الظاهرة هو الاشتغال الانتقائي للسوق العقارية التي تقصي
الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود أو الغير منتظم.
3.1.4- المرحلة ما بين 1949 -1956.
ابتداءا من مطلع حقبة الخمسينات ، شهدت مدينة القنيطرة
امتدادا ملحوظا لمجالها المبني، سواء أكان لأغراض سكنية أو اقتصادية، و بالنسبة
للتوسع السكني فيتجسد في بناء مجموعة سكنية متباعدة مكانيا، إذ سدت الفجوات
المجالية الموجودة آنذاك بوسط المدينة وعلى وجه التحديد بالحي الإداري وميموزا
وفال فلوري.
من جانب آخر طرأت تحولات مجالية بالأحياء الخاصة بإقامة
المغاربة (شرق المدينة) تخلف في مضمونها كما حدث بوسط وغرب المدينة، ويتضح ذلك
بجلاء في حي الملاح، بحيث شيدت وحدات سكنية منتظمة شكلا ومضمونا، بالإضافة إلى
استحداث وتجهيز بقع لاستقبال المعامل والوحدات الصناعية شرق الملاح. ويظهر أن قيام
البلدية باقتناء أراضي تقدر مساحتها ب 82 هكتار سنة 1950 على مقربة من الحي الصناعي لإقامة
الوحدات الصناعية كان الهدف منه الاستجابة للطلبات الملحة على الأراضي الصناعية
بعد الحرب العالمية الثانية.
واستطاع ميناء القنيطرة أن يستعيد انتعاشه التجاري بعد
انتهاء الحرب العالمية الثانية. أضف إلى ذلك التأثير القوي لانتقال بعض رؤس
الأموال الفرنسية إلى المغرب تحسب لظروف
الحرب. وكل هذا ساهم في إزدهار وتطور صناعي ملموس بمدينة القنيطرة.
2.4- مراحل فترة الاستقلال :
1.2.4- المرحلة ما بين 1957 و 1970.
طوال هذه الحقبة من إستقلال المغرب ، إنكبت الدولة على
إنجاز مشاريع ومنشآت البنية التحتية الأساسية والتجهيزات والمرافق على الصعيد
الوطني بشكل عام ، وبشكل خاص عرفت مدينة القنيطرة تطورا مجاليا هاما، وقفزة
إقتصادية بسبب إتساع مساحة الحي الصناعي وإنتعاش أنشطته، وظهور تجزئات سكنية جديدة
عبر جميع أجزاء نسيج المدينة، مثل عرصة
القاضي، أفكا ، درب الخير، أطلس وديور المخزن وأيضا حي المستعجلات وكليرفيفر ثم
فال فلوري،
·
امتداد الحي الصناعي القديم من منطقة الميناء في اتجاه
الحدود الشمالية الشرقية للمدينة .
·
التوسع الجغرافي للرقعة المبنية، المتمثل في إنشاء
تجزئات سكنية جديدة في الأجزاء الشمالية الشرقية والشرقية الجنوبية ، وعلى طول طريق
عين السبع إضافة إلى بناء المساحات الفارغة الواقعة في الجزء الشرقي من المدينة
بوحدات سكنية.
·
بناء بعض التجهيزات والمرافق العمومية ( منشأت ذات صبغة
تعليمية و إجتماعية ) في الجزء الشمالي من غابة المعمورة .
2.2.4- مرحلة بين 1971 – 1982
تميزت هذه الفترة بإعداد تصميم جديد لتهيئة مدينة
القنيطرة، وذلك في إطار السعي لتوسيع مجالها الحضري. ولقد حمل صفة هذا التصميم
نمطا جديدا من العمران قوامه : بناء تجزئات سكنية في إتجاه الغرب والشرق، وتنفيذ
بعض مشاريع إعادة الهيكلة في الجنوب الشرقي من المدينة، وإمتلاء النطاقات الفارغة
من الحي الصناعي، وفي خضم ذلك، يمكن تحديد المجالات الحضرية المبنية على الشكل
التالي :
· بناء المساكن والدور
المغربية بأحياء الساكنية،بام، لابيطا، وأجزاء من دور أطلس وأفكا وباب فاس.
· تشييد الفيلات
بالمساحات الفارغة في حي ميموزا ومساحات صغيرة بالمدينة العليا.
· التطور المحدود
لمساحة المنطقة الصناعية شمال شرق المدينة،وهكذا يتبين مدى استئثار الأجزاء
الشرقية والجنوبية الشرقية على الرصيد الأكبر من حركة الإمتداد العمراني لمدينة
القنيطرة.
3.2.4- المرحلة
ما بين 1983-1990 :
تشكل هذه المرحلة اهم الفترات التاريخية الحاسمة في
بلورة اشكال واتجاهات التوسع العمراني لمدينة القنيطرة، إزاء بناء عدة تجزئات
سكنية ضخمة سواء أكانت تجزئات مخططة أو مجالات حظيت بتنفيذ مشاريع إعادة الهيكلة
في إطار برامج التنمية الحضرية الهادفة إلى القضاء على أحياء الصفيح. ومن جهة
أخرى، فقد اتضحت المعالم الجديدة لجهات التوسع العمراني للقنيطرة طوال هذا العقد
من الزمن بحيث أصبحت تتطور نحو الغرب والجنوب الغربي، ويجسد ذلك التطور إنشاء
أحياء متباينة الوظائف والخصائص العمرانية، كبئر الرامي الشرقية والغربية والمغرب
العربي A
، والحيين الصناعيين الجديدين (بئر الرامي 1 و2) وهذا وفق تصاميم للتهيئة.
وكذلك شهدت الأجزاء الشمالية الغربية نموا عمرانيا
ملحوظا، تمثل في تشييد الصياد 1 و 2 (أزهارون 1 و2) والطيبية والنهضة. أما بغرب
المدينة،فنجد احياء أولاد أوجيه الشرط الثاني (السكن الاقتصادي الفيلات) والمغرب
العربي B
و
C.
ويلاحظ أنه بالرغم من تركيز التخطيط نحو تخفيف الضغط
العمراني على الأجزاء الجنوبية الشرقية والشرقية من المدينة، إلا أن نمو الرقعة
المبنية بكل المناطق ظل في تصاعد مستمر وبوثيرة سريعة. وعليه شهدت الجهة الجنوبية
الشرقية إقامة أحياء وتجزئات جديدة و أخرى أعيدت هيكلتها: المنطقة المطهرة، منطقة
التشغيل ، عمارات الحي الجامعي، والحاج صلاح الشاوي...إلخ.
وعكس ذلك، تعتبر الأجزاء الشرقية من جسم المدينة
المجالات الثابتة في حركة نموها، نظرا لوجود مرجة الفوارات التي تقف عائق طبيعيا
أمام الزحف العمراني شرقا، لذا توقفت دينامية الجهة الشرقية ببناء أحياء سكنية
بمحاذاة المرجة ، وهي دور الأطلس ، البوشتيين ، للامريم، أوريدة ودوار العربي.
4.2.4- المرحلة ما بين 1991- 2002.
واصلت مدينة القنيطرة توسعها العمراني في نفس الاتجاهات
التي أصبحت تشكل الأماكن الجاذبة للعمران والمتطورة في المستقبل، الغرب والشمال
والجنوب الغربي للمدينة، فشمالا هناك أحياء الحدادة والحوزية والإسماعيلية ، الذي
أصبح بمثابة آخر حزام سكني يقع جنوب القاعدة الجوية.
أما غربا، فلقد اكتملت البنية السكنية لحي أولاد اوجيه،
وتم تشييد العمارات الخاصة بالبرنامج الوطني لبناء مائتي ألف مسكن.
وفيما يتعلق بجنوب غرب المدينة، فتطورت الرقعة المبنية ،
و إتسم بإزدواجية نمط إنتاج المجالات (مجالات حضرية مخططة ومجالات إعادة الهيكلة).
فالنمط الأول يمثله بناء الشطر الثاني والثالث للحي الصناعي بئر الرامي، والقدس
والمنزه. و يمثل النمط الثاني حي المغرب العربي D. غير أن الزحف العمراني في إتجاه
الجنوب الغربي سرعان ما إصطدم بمجموعة من أحياء الصفيح (أولاد مبارك أولاد موسى)
التي باتت تشكل حدود المدينة المخططة في هذه الأحياء.
وبخصوص شرق المدينة، فإن وجود مرجة الفوارات كما ذكرنا سابقا، أدى هذه المرة إلى ظهور أحياء
سكنية شرقها، وهي عبارة عن مجالات مختلفة في نمط إنتاجها وخصائصها العمرانية، وهي
إما مجالات حظيت بقسط من التهيئة كالفوارات أو مجالات إعادة الهيكلة كحي البلادي
(الكرتون) وأحياء الصفيح مثل العصام والنخاخسة.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن الأجزاء الجنوبية
الشرقية قد حظيت أيضا ببناء أحياء مخططة وأخرى لإعادة الهيكلة. ويمثل النمط الأول
حي الإرشاد. بينما الثاني يتألف من أحياء الوفاء1 سوق السبت، المحاور الكبرة
الساكنية، أولاد عرفة، الوفاء 2 و 3 والأمل فجميعها تعد جديد هذا الجزء من الحيز
الحضري لمدينة القنيطرة.
5) آليات التوسع الحضري بمدينة القنيطرة :
هناك مجموعة من العوامل جعلت مدينة القنيطرة تعرف
التوسيع الحضري بشكل كبير خلال العقود الأخيرة، وذلك بتداخل مجموعة من العوامل،
منها ما هو ديمغرافي وما هو إقتصادي ، الشيء الذي ساهم في هذه الظاهرة التي جعلت
مدينة القنيطرة تعتبر من كبريات المدن المغربية، وهذه الآليات على الشكل التالي :
أ-
تزايد السكان بمدينة القنيطرة بوثيرة سريعة جعل هذا العامل
يشكل ثقلا مهما من توسيع المدينة وامتدادها على مجالات
كانت فارغة والتركيز في الجانب الشرقي من المدينة بالخصوص (التزايد والتوالد) .
ب-
عامل الهجرة المتزايد إلى المدينة بفعل الأزمة التي تعرفها
الأرياف خاصة بسهل الغرب بفعل تقلص الأراضي والإستحواذ
عليها من طرف المعمرين، يضاف إلى ذلك عملية الإستقطاب التي كان يقوم بها رجال
الأعمال الفرنسيين في الغرب لليد العاملة في المعامل الجديدة ، مما أحدث أحياء
الصفيح الواسعة بالمدينة.
ج-
الأنشطة الحضرية عامل توسيع المدينة بنشوء عدة مراكز للأنشطة خاصة في المدينة
المغربية: مركز الخبازات وسط المدينة المغربية وجود نشاط تجاري هام وبداية إنتقال
هذه المراكز الحضرية وتوسعها نحو أحياء الصفيح وظهور مركز يضم أحياء الجنوب الشرقي
(ديور عشرة آلاف- الساكنية- الدواوير الصفيحية الخيرية). أما المدينة العصرية
والتي تعتبر مركز المدينة، هي التي تسود فيها الأعمال والأنشطة الحديثة الشيء الذي
يجعلها تستقطب كل أحياء المدينة، كما أن هذا المركز يعتبر عامل من عوامل توسع المدينة.
د-
الصناعة قوة وآلية من آليات التوسع الحضري بالمدينة، حيث تعمل على إستقطاب اليد
العاملة إلى المدينة، وهي من العناصر الأساسية لتوسيع المدينة منذ بداية نشأة
المدينة إلى جانب الميناء، ولازالت الصناعة اليوم تقوم بهذا الدور، رغم وجودها
خارج هذه الأحياء في المنطقة القديمة أو الجديدة ببئر الرامي.
ح-
توفير التجهيزات الاجتماعية والثقافية ، على اعتبار القنيطرة حاضرة الغرب، هذه
التجهيزات تعتبر عامل توسع المدينة وإستقطاء سكانها إلى الاستقرار في أحياء الصفيح
بالخصوص.
ويمكن اعتبار المدينة بمرافقها الثقافية عامل استقطاب
لتوسع حضري هام، بوجود بعض مدارس التكوين المهني وغيرها، بالإضافة إلى المرافق
الجامعية والمتمثلة في ثلاث كليات. لكن رغم ذلك فالمدينة تعاني من نقص على مستوى
التجهيزات الإدارية.
III- الإكراهات الطبيعية و البشرية
للتوسع الحضري بمدينة القنيطرة :
هناك عدة إكراهات تعوق التوسع الحضري بمدينة القنيطرة،
إذ أن هناك نوعين أساسين من هذه المعيقات فهناك الإكراهات الطبيعية و كذلك البشرية
:
1- الاكراهات الطبيعية ومحددات
التوسع :
1.1- نهر سبو :
يبلغ طوله 614
كلم، ويشكل المصدر المائي النهري الرئيسي لجهة الغرب الشراردة بني حسن ويبلغ اتساع
حوضه عند المصب حوالي 40.000 كلم مربع . يحد مدينة القنيطرة من الشمال بحلقتين
بارزتين قبل أن يصب في المهدية وقد كانت الحلقة الأولى للنهر أحد أبرز العوامل
وراء إنشاء ميناء القنيطرة الحالي أما الحلقة الأخيرة فهي تحيط بالقاعدة الجوية من ثلاث اتجاهات الشرق والغرب والشمال.
2.1- المناطق المغمورة أو الفيضية :
تمتد هذه المناطق على كل من منطقة " أولاد
برجال" بداخل المنعطف ما قبل الأخير لواد سبو، ومنطقة " أولاد سلامة،
" المكادير" المدعوة كذلك بمرجة " العلوي" في الشمال الشرقي
تم منطقة العصام ومرجة الفوارات التي تمتد بدورها إلى حدود حي عين السبع، هذه
المناطق وبحكم مستواها القريب من مستوى البحر تتعرض باستمرار إلى فيضانات تكون
كارثية في بعض الحالات كما كان عليه الأمر سنة 1970.
3.1- الفرشة المائية للفوارات:
تقع شرق مدينة القنيطرة وعلى مستوى منخفض واد الفوارات
الذي يمتد إلى حدود أحياء سوق السبت وعين السبع، وهي أحد أبرز الموارد المائية
بالإضافة إلى توفيرها بالماء لمدينة القنيطرة وكذلك تجمعات حضرية أخرى كالرباط
وسلا.
ويعد توسع المدينة فوق هذه الفرشة المائية الباطنية أحد
أبرز الأخطار على هذه الثروة الطبيعية
4.1- غابة المعمورة :
تبلغ مساحتها
3338 كلم2، وهي ثروة إيكولوجية واقتصادية لمدينة القنيطرة إذ تعد رئة
خضراء محاذية لأحد المراكز الحضرية المزدحمة، غير أن تواجدها المتاخم قد أدخلها في
اعتبارات التهيئة والتعمير. حيث
استقبلت الغابة عدة تجهيزات ومنها المستشفى الجامعي بالقنيطرة ومرافق إدارية
وتقنية ثم ثقافية.
كل هذه الإكرهات الطبيعية من شانها أن تعرقل عملية إنجاز
البرامج المسطرة في تصميم التهيئة.
بعد التطرق للإكراهات الطبيعية المساهمة في الحد من
ظاهرة التوسع الحضري بمدينة القنيطرة، سنحيل إلى نوع آخر من الإكراهات. وهو
المرتبط بالإكراهات المادية و البنيوية.
2- الإكراهات البشرية :
1.2- القاعدة الجوية:
تقع في المشال الغربي لمدينة القنيطرة وتحتل مساحة 1400
هكتار، يحدها من الجهة الشرقية والشمالية والغربية واد سبو، بينما من الجهة
الجنوبية، الطريق الثانوية رقم 212 الرابطة بين القنيطرة والمهدية، وتعد هذه
القاعدة الجوية التي أحدثت سنة 1935 وسلمت للأمريكيين إلى حدود سنة 1942 ثم
الفرنسيين لغاية سنة 1947 ليحتلها الأمريكيون من جديد سنة 1949 قبل تركها في بداية
السبعينيات، من أهم البنيات العسكرية في
المغرب ولا ينتظر تحويلها إلى مكان آخر،
هذا الأمر يشكل لا محالة عائقا نحو توسع المدينة ويوجه توسعها نحو الجنوب الغربي.
2.2- الحي العسكري بوسط المدينة :
يوجد هذا الحي بوسط مدينة القنيطرة ويمتد على مساحة 52
هكتار، أقيم هذا الحي مع تأسيس الميناء وتم تنظيمه بناء على مقتضيات تصميم تهيئة
1914 ليقوم بدور السد المنيع بين المدينة الأهلية والمدينة الأوربية، هذا الوضع
أدى إلى توسع كل مدينة في اتجاه معاكس للأخر حيث أدارت المعمورة ظهرها للساكنية.
وفي وقتنا الراهن لا زال هذا الحي يشكل المؤشر الدال على التمييز والإقصاء
الاجتماعيين ويعرقل النمو المندمج للمدينة. وبالتالي فنظرا للموقع الإستراتيجي
الذي يحتله هذا الحي والمكانة التي يتمتع بها داخل المنظومة الحضرية، فقد تم
إقتراح عدة حلول لإدماج هذا المجال ضمن مكونات المشروع الحضري لمدينة القنيطرة،
ومنها تسليم الملكيات لسكانيها حتى يتمكنوا من استغلالها، لكن مع الحد من
المضاربات العقارية التي قد تنشأ في هذا الإطار.
3.2- التجهيزات الأساسية :
عند الحديث عن التجهيزات الأساسية، يتعين علينا أن نميز
بين التجهيزات العمومية الكبرى من جهة، ومن جهة أخرى التجهيزات المعيارية أي
التجهيزات المرتبطة بشكل وثيق بمدينة القنيطرة، ونخص بالذكر البنايات الإدارية
والصحية والتعليمية باعتبارها بنيات فوقية، ومن ناحية أخرى الشبكة الطرقية
والميناء وشبكة السكك الحديدية ومحطات ضخ المياه باعتبارها بنيات تحتية.
وتجدر الإشارة إلى أن أي تعديل أو تغيير يطال هذه
البنيات التحتية من شانه أن يتقل كاهل مالية المدينة، غير أنه وبوجود إدارة سياسية
واضحة وتصور متكامل ، سوف لن تظل هذه التجهيزات تشكل حجرة عثرة أمام توسع المدينة
واندماجها الحضري وتتجلى أبرز الإكراهات النبوية التي تعرقل الطفرة العمرانية في
البنيات التالية.
أ- ميناء مدينة القنيطرة :
يعد من بين أقدم البنيات التي تم إحداثها بالمدينة، بناء
على مقتضيات تصميم تهيئة المدينة لسنة 1914، وقد شهد هذا الميناء حركة إقتصادية
ورواجا ملموسا إلى حدود سنة 1959، غير أنه وبعد الطفرة التي عرفها ميناء الدار
البيضاء، شهد ميناء مدينة القنيطرة أفولا وركودا لحركة الرواج التجاري، لذلك وخاصة
إذا أمعنا التفكير في الوضع الراهن أي تواجد مدينة القنيطرة بين مينائين تجاريين
عملاقين وهما ميناء الدار البيضاء وميناء طنجة المتوسطي، فإنه من ضرب المغامرة
الاستثمار في أي نشاط مرفئي بمدينة القنيطرة في محاولة لتحقيق إقلاع اقتصادي في هذا
المجال، بل يجب التفكير في تدابير جديدة لاستغلال هذا الموقع الذي يحتله الميناء
اليوم.
ب- خط السكة الحديدية :
إذا كان المتتبعون والمهتمون بالتخطيط الحضري للقنيطرة
يرون في إمتداد هذا الخط السككي عاملا من عوامل تصدع عملية التوسع المندمج
للمدينة، فإن الوضع اليوم أضحى مغايرا لهذا التصور ، حيث أضحت السكة الحديدية
بمثابة إطار محدد للمدار الحضري، خاصة في المنطقة الجنوبية للمدينة الغربية، وحاجز
أمام أي ترامي عشوائي وغير عقلاني على الغابة.
ج- الخطوط العالية الضغط :
يشكل الإرتفاع
على العقارات المثقلة بالخطوط الكهربائية العالية الضغط إكراها أمام توسع
المدينة، بل وأمام استغلال هذه الاحتياطات العقارية المهمة. ومن ضمنها قطاع أولاد
أمبارك الذي يعتبر وبموجب تصميم تهيئة مدينة القنيطرة بمثابة احتياط استراتيجي
تفوق مساحته 796 هكتار.
3- أشكال التوسع الحضري بمدينة القنيطرة :
إن التوسع العمراني الذي عرفته مدينة القنيطرة والذي لا
زالت تعرفه، يعرف عدة أشكال من التوسع، و هناك نوعين أساسيين من هذه الأشكال
العمرانية .
1.3- التوسع الأفقي :
بعد نفاذ الإحتياط العقاري بالمدينة بمختلف أحيائها، فإن
المدينة لم يبقى أمامها سوى التوسع الأفقي، هذا النوع من التوسع كان على حساب
مجالين لتغطية النقص الحاصل على المستوى العقاري وهذين المجالين هما المجال
الزراعي والمجال الغابوي اللذان يوجدان في ضاحية المدينة.
فبالنسبة للمجال الزراعي، الذي يتواجد بالخصوص في شمال
المدينة بمنطقة الفوارات وكذلك منطقة العصام، فهاتين المنطقتين كانتا في أواخر
الثمانينات من القرن الماضي عبارة عن أراضي فلاحية، إلا أن الضغط الذي فرضته كثافة
إستعمال المجال الحضري جعل الطلب على العقار يزداد بشكل مكثف ، الشيء الذي حذى
بملاك الحقول الزراعية إلى بيع أراضيهم، نتيجة إرتفاع ثمن الهكتار الواحد بأضعاف
مهمة. ونفس الشيء يقال على المنطقة الشرقية الجنوبية للمدينة إذ أن هناك مناطق
كانت إلى الوقت القريب عبارة عن مجال قروي وهذا ينطبق على جزء من الجماعة القروية
حدادة، إذ أن جزء من هذه الجماعة أصبح ضمن المجال الحضري لمدينة القنيطرة،
وذلك نتيجة اكتساح التعمير والتهامه
لأراضي زراعية جد شاسعة لتغطية النقص الحاصل على المستوى العقاري بالمدينة.
وكذلك الشأن بالنسبة للغابة، فإنها لم تسلم بدورها من
ظاهرة التعمير، وبالخصوص التعمير المؤسساتي، إذ أن هناك مرافق أصبحت تأخذ حيزا
مهما من المجال الغابوي بمدينة القنيطرة ومن الأمثلة على ذلك جامعة ابن طفيل بجميع
كلياتها والتي توجد في قلب غابة المعمورة ، ونفس الشيء يقال بالنسبة للمعهد الوطني
للشرطة، ومستشفى الإدريسي، والحي الجامعي الجديد التابع لمؤسسة الشعبي، ومؤخرا
المركز التجاري مرجان الذي التهم بدوره مساحة من غابة المعمورة .
و نشير إلى أن التمدين الضاحوي ينتشر فوق مناطق غير
مغطية بوثائق التعمير، الشيء الذي يشجع على إنتشار السكن العشوائي.
و من أسباب
السكن الضاحوي الذي في غالبيته غير لائق، هو هاجس تملك السكن لذى المواطنين بسبب
كون نمط السكن المغربي قد تغير و لم يعد على شكل العائلات الممتدة التي كانت تعيش
في سكن واحد مشترك، بل أن الأسر المغربية في غالبيتها في الوقت الراهن أصبحت على
شاكلة الأسرة النووية، الشيء الذي يجعل كل أسرة تحاول الحصول على سكن خاص.
و كذلك اللجوء للسكن في الضاحية ناتج عن الإرتفاع المهول
لثمن العقار داخل المدينة، و كذلك نتيجة عدم توفر هوامش المدينة على تجهيزات مما
يجعل ثمن الأرض جد بخس مما يشجع ذوي الدخل المحدود على اللجوء إلى هذه المناطق.
2.3- التوسع العمودي :
نتيجة نذرة الإحتياط العقاري بمدينة القنيطرة، و بالخصوص
بمركز المدينة. فإن تصميم التهيئة للمدينة، جاء ببرنامج التوسع العمودي و ذلك في
مواجهة ضعف الرصيد العقاري. فطبقا لما جاء في تصميم التهيئة فقد جاء أن مركز
المدينة و بالضبط على طول شارع محمد
الخامس فإن كل العمارات على طول هذا الشارع فإنها تتوفر على ثمان طوابق، ثم فإن
الأحياء المحيطة بهذا الشارع فإن عدد الطوابق ينخفض من سبعة طوابق إلى خمسة طوابق.
و إختيار تصميم
التهيئة لهذه المنطقة من الإستفادة من التوسع العمودي لم يأتي إعتباطيا و إنما
أملته مجموعة من العوامل. فهذه المنطقة تعتبر هي مركز المدينة و بالتالي فإن أهم
الأنشطة تتركز بهذه المنطقة و بالخصوص الناذرة منها.
لكن إستفادة هذه المنطقة من هذا
التوسع العمودي كان من ورائه عدة إنعكاسات، و من أبرز هذه الإنعكاسات الإرتفاع
المهول لثمن المتر المربع، إذ أنه يتجاوز في بعض الأحيان 15000 درهم و يصل في بعض
الأحيان ثمن المتر الربع إلى 18000 درهم للمتر المربع الواحد. الشيء الذي يكون له
الأثر السلبي على ذوي الدخل المحدود، و بالتالي لجوء هذه الشريحة الإجتماعية إلى
السكن الضاحوي الذي يتميز بإختلالات مهمة .
خاتمة.
إن ظاهرة التوسع الحضري بمدينة
القنيطرة، ساهمت في خلق عدة نتائج، كان لها الأثر الكبير على المجال الحضري. إذ أن
المدينة تطورت بشكل كبير، الشيء الذي جعلها تتوسع على الأراضي الزراعية المتواجدة
بضواحي المدينة، ونفس الشيء ينطبق على الغابة رغم أنها محمية بقانون دولي والمغربي
مصادق عليه و هذا ما سنحاول الإجابة عليه في الفصل الموالي و المتعلق باكراهات
التوسع الحضري على المجالات الخضراء بالمدينة.
إرسال تعليق